بقلاوة بالمكسرات والقشطة: الحلوى الشرقية التي تأسر القلوب
تُعد البقلاوة من أشهر الحلويات الشرقية التي استطاعت أن تحافظ على مكانتها عبر القرون، بل وتجاوزت حدود المطبخ الشرقي لتصل إلى مطابخ العالم الغربي. تلك الحلوى التي تُحاكي لوحة فنية متقنة الصنع، بأوراقها الذهبية المقرمشة، ومذاقها الغني بالمكسرات، ولمساتها المميزة بالقشطة الطازجة. عند الحديث عن بقلاوة بالمكسرات والقشطة فنحن لا نتحدث فقط عن نوع من الحلويات، بل عن تاريخ طويل، وثقافة عريقة، وتجربة ذوقية لا تُنسى.
الفصل الأول: أصل البقلاوة وتاريخها
يعود أصل البقلاوة إلى قرون مضت، حيث تباينت الآراء حول مكان نشأتها الأولى. هناك من يقول إنها ظهرت لأول مرة في بلاد ما بين النهرين، بينما يرى آخرون أن العثمانيين هم الذين نشروا شهرتها وأعطوها الشكل الأقرب إلى ما نعرفه اليوم.
كانت البقلاوة تُقدّم في قصور السلاطين كحلوى فاخرة، وتُعتبر رمزًا للثراء والفخامة. ولم تكن متاحة لعامة الناس بسهولة، بل كانت مقترنة بالاحتفالات الكبرى والمناسبات الخاصة. ومع مرور الزمن، انتشرت في المجتمعات العربية والتركية واليونانية، وتنوّعت وصفاتها بما يتناسب مع الذوق المحلي لكل بلد.
إضافة القشطة إلى البقلاوة تُعد ابتكارًا عربيًا بامتياز، حيث أراد الطهاة أن يضيفوا عنصرًا جديدًا يمنحها نعومة وتوازنًا في المذاق بجانب قرمشة المكسرات.
الفصل الثاني: مكونات البقلاوة بالمكسرات والقشطة
1. العجينة (الجلاش أو الفيلو)
العجينة الرقيقة جدًا هي أساس نجاح البقلاوة. تُحضّر على شكل رقائق شفافة تكاد ترى ما خلفها. هذه الطبقات الذهبية هي التي تمنح البقلاوة قوامها المقرمش ومظهرها المميز.
2. المكسرات
المكسرات هي قلب البقلاوة. يمكن استخدام أنواع متعددة مثل:
-
الفستق الحلبي.
-
الجوز (عين الجمل).
-
اللوز.
-
الكاجو.
-
البندق.
كل نوع من المكسرات يضيف طابعًا خاصًا، لكن المزج بينها يعطي تناغمًا رائعًا.
3. القشطة
القشطة الطازجة تُعتبر العنصر السحري في هذه الوصفة. فهي تُضيف نعومة وتذوب داخل الطبقات لتشكل توازنًا بين الحلاوة والقرمشة.
4. القطر (الشربات)
القطر المصنوع من السكر والماء وعصير الليمون، أحيانًا مع إضافة ماء الورد أو ماء الزهر، هو ما يضفي على البقلاوة ذلك المذاق الشرقي الفريد.
الفصل الثالث: طريقة إعداد بقلاوة بالمكسرات والقشطة
إعداد البقلاوة يُعتبر فنًا بحد ذاته. إليك الخطوات التفصيلية:
-
تحضير العجينة: تُدهن كل ورقة من الجلاش بالسمن أو الزبدة وتُرص فوق بعضها في صينية.
-
إضافة الحشوة: يُخلط خليط المكسرات مع السكر والقرفة (اختياري) ويوزع بين طبقات العجين.
-
إضافة طبقة القشطة: توضع طبقة سخية من القشطة بين طبقات المكسرات لتضفي النعومة.
-
تغطية الوجه: توضع بقية أوراق الجلاش فوق الحشوة وتُدهن جيدًا بالسمن.
-
التقطيع: تُقطع إلى مربعات أو مثلثات أو أشكال ماسية قبل دخول الفرن.
-
الخبز: تُخبز في فرن متوسط الحرارة حتى تكتسب اللون الذهبي الجميل.
-
إضافة القطر: بعد خروجها من الفرن، يُسكب القطر البارد فوقها وهي ساخنة لتتشربه وتكتمل نكهتها.
الفصل الرابع: سر المذاق المميز
ما يجعل بقلاوة المكسرات والقشطة مختلفة عن غيرها هو التوازن:
-
القرمشة الذهبية للعجين.
-
الطراوة والنعومة من القشطة.
-
المذاق العميق والمُغذي من المكسرات.
-
الحلاوة المعتدلة من القطر المعطر.
هذا المزيج يجعل كل قضمة رحلة بين النكهات والقوامات.
الفصل الخامس: البقلاوة في المناسبات والطقوس الاجتماعية
لا تخلو أي مائدة عربية أو تركية من البقلاوة في الأعياد والمناسبات. فهي تُعتبر رمزًا للكرم والاحتفاء بالضيوف.
-
في شهر رمضان، تُقدم البقلاوة كحلوى أساسية بعد الإفطار.
-
في الأعراس، تُزين بها الطاولات وتُقدّم مع القهوة العربية.
-
في الأعياد، تُهدى البقلاوة في علب مزخرفة كدليل على المحبة والتقدير.
بقلاوة المكسرات والقشطة بالتحديد تُعتبر من أفخم الأنواع وأكثرها طلبًا.
الفصل السادس: الفوائد الغذائية للبقلاوة بالمكسرات والقشطة
على الرغم من أنها حلوى دسمة، إلا أن مكوناتها تحمل فوائد غذائية:
-
المكسرات: مصدر غني بالبروتين، الألياف، الدهون الصحية، والفيتامينات.
-
القشطة: غنية بالكالسيوم والبروتين، وتُضيف قيمة غذائية للحلوى.
-
العسل أو القطر: يمنح طاقة سريعة للجسم.
لكن بالطبع يجب تناولها باعتدال، خاصة لمن يعانون من مرض السكري أو مشاكل الوزن.
الفصل السابع: طرق تقديم مبتكرة
-
مع الآيس كريم: قطعة بقلاوة ساخنة مع كرة آيس كريم فانيليا.
-
مع الشوكولاتة: سكب صوص الشوكولاتة الداكنة على وجه البقلاوة.
-
بقلاوة صغيرة الحجم (لقيمات): تُقدّم كحلوى مقبّلات في الحفلات.
-
بقلاوة بالتمر والقشطة: دمج التمر المفروم مع المكسرات لإضافة لمسة عربية أصيلة.
الفصل الثامن: البقلاوة في العالم الغربي
لم يعد المطبخ الغربي بعيدًا عن البقلاوة. ففي أوروبا وأمريكا، أصبحت تُباع في المخابز والمتاجر الفاخرة. ويُطلق عليها البعض اسم Baklava Pastry.
كثير من الطهاة الغربيين أبدعوا في تطويرها بإضافة مكونات مثل:
-
الشوكولاتة.
-
الكراميل.
-
نكهات القهوة.
لكن تبقى البقلاوة الشرقية الأصلية بالمكسرات والقشطة ذات مكانة خاصة لا تُضاهى.
الفصل التاسع: أسرار نجاح البقلاوة بالمكسرات والقشطة
-
استخدام عجينة جلاش طازجة.
-
دهن كل طبقة جيدًا بالسمن حتى لا تجف.
-
استخدام مكسرات محمصة لتعزيز النكهة.
-
سكب القطر باردًا على البقلاوة الساخنة مباشرة.
-
تركها لتبرد قبل التقديم كي تتماسك جيدًا.
الفصل العاشر: البقلاوة في الثقافة والفن
ظهرت البقلاوة في العديد من القصائد واللوحات الفنية كمصدر إلهام للجمال الشرقي. فهي لا تُعتبر مجرد طعام، بل رمزًا للذوق الرفيع والفخامة. في الأمثال الشعبية، تُشبه البقلاوة بالمرأة الجميلة أو اللحظة السعيدة.
الخاتمة
بقلاوة المكسرات والقشطة ليست مجرد حلوى، بل هي تجربة حياة. هي مزيج بين التاريخ والثقافة، وبين الفخامة والبساطة. مذاقها يجمع الماضي بالحاضر، ويُعيد إلى الأذهان ليالي رمضان وأفراح الأعياد وكرم الضيافة الشرقية.
إنها الحلوى التي تُغني الحواس وتُدخل البهجة إلى القلب، قطعة صغيرة منها تكفي لتروي قصة حضارة كاملة.